اَلْحَمْدُ لِلّهِ خَالِقِ الْعِبَادِ، وَ سَاطِحِ الْمِهَادِ، وَ مُسِیلِ الْوِهَادِ، وَ مُخْصِبِ النِّجَادِ. لَیْسَ لِاَوَّلِیَّتِهِ ابْتِدَاءٌ، وَ لا لِاَزَلِیَّتِهِ انْقِضَاءٌ. هُوَ الْاَوَّلُ وَ لَمْ یَزَلْ؛وَ الْبَاقِی بِلا أَجَلٍ. خَرَّتْ لَهُ الْجِبَاهُ، وَ وَحَّدَتْهُ الشِّفَاهُ. حَدَّ الْاَشْیَاءَ عِنْدَ خَلْقِهِ لَهَا إِبَانَةً لَهُ مِنْ شَبَهِهَا. لا تُقَدِّرُهُ الْاَوْهَامُ بِالْحُدودِ وَ الْحَرَکَاتِ، وَ لا بِالْجَوَارِحِ وَ الْاَدَوَاتِ. لا یُقَالُ لَهُ: «مَتَى؟» وَ لا یُضْرَبُ لَهُ أَمَدٌ «بِحَتَّى». الظَّاهِرُ لا یُقَالُ «مِمَّ؟» وَ الْبَاطِنُ لا یُقَالُ «فِیمَ؟» لا شَبَحٌ فَیُتَقَصَّى، وَ لا مَحْجُوبٌ فَیُحْوَى. لَمْ یَقْرُبْ مِنَ الْاَشْیَاءِ بِالْتِصَاقٍ، وَ لَمْ یَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ، وَ لا یَخْفَى عَلَیْهِ مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحْظَةٍ، وَ لا کُرُورُ لَفْظَةٍ، وَ لا ازْدِلافُ رَبْوَةٍ، وَ لا انْبِسَاطُ خُطْوَةٍ، فِی لَیْلٍ دَاجٍ، وَ لا غَسَقٍ سَاجٍ، یَتَفَیَّأُ عَلَیْهِ الْقَمَرُ الْمُنِیرُ، وَ تَعْقُبُهُ الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ فِی الْاُفُولِ وَ الْکُرُورِ، وَ تَقَلُّبِ الْاَزْمِنَةِ وَ الدُّهُورِ، مِنْ إِقْبَالِ لَیْلٍ مُقْبِلٍ، وَ إِدْبَارِ نَهَارٍ مُدْبِرٍ. قَبْلَ کُلِّ غَایَةٍ وَ مُدَّةٍ، وَ کُلِّ إِحْصَاءٍ وَعِدَّةٍ، تَعَالَى عَمَّا یَنْحَلُهُ الُمحَدِّدُونَ مِنْ صفَاتِ الْاَقْدَارِ، وَ نِهَایَاتِ الْاَقْطَارِ.
وَ تَأَثُّلِ الْمَسَاکِنِ، وَ تَمَکُّنِ الْاَمَاکِنِ. فَالْحَدُّ لِخَلْقِهِ مَضْرُوبٌ، وَ إِلَى غَیْرِهِ مَنْسُوبٌ.