فَقَالَ (علیه السلام) : مَابَالُکُمْ أَمُخْرَسُونَ أَنْتُمْ؟
فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ، إِنْسِرْتَ سِرْنَا مَعَکَ.
فَقَالَ (علیه السلام) : مَا بَالُکُمْ! لا سُدِّدْتُمْ لِرُشْدٍ! وَ لا هُدِیتُمْ لِقَصْدٍ! أَفِی مِثْلِ هذَا یَنْبَغِی لِی أَنْ أَخْرُجَ؟ وَ إِنَّمَا یَخْرُجُ فِی مِثْلِ هذَا رَجُلُ مِمَّنْ أَرْضَاهُ مِنْ شُجْعَانِکُمْ وَ ذَوِی بَأْسِکُمْ، وَ لا یَنْبَغِی لِی أَنْ أَدَعَ الْجُنْدَ وَ الْمِصْرَ، وَ بَیْتَ الْمَالِ، وَ جِبَایَةَ الْاَرْضِ، وَ الْقَضَاءَ بَیْنَ الْمُسْلِمیْنَ، وَ النَّظَرَ فِی حُقُوقِ الْمُطَالِبینَ، ثُمَّ أَخْرُجَ فِی کَتِیبَةٍ أَتْبَعُ أُخْرَى، أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِی الْجَفِیرِ الْفَارِغِ، وَ إِنَّمَا أَنا قُطْبُ الرَّحَا، تَدُورُ عَلَیَّ وَ أَنَا بِمَکَانِی، فَإِذَا فَارَقْتُهُ اسْتَحَارَ مَدَارُهَا، وَ اضْطَرَبَ ثِفَالُهَا. هذَا لَعَمْرُ اللّهِ الرَّأْیُ السُّوءُ! وَ اللّهِ لَوْلا رَجَائِی الشَّهَادَةَ عِنْدَ لِقَائِی الْعَدُوَّ وَ لَوْ قَدْ حُمَّ لِی لِقَاؤُهُ لَقَرَّبْتُ رِکابِی ثُمَّ شَخَصْتُ عَنْکُمْ فَلا أَطْلُبُکُمْ مَا اخْتَلَفَ جَنُوبٌ وَ شَمَالٌ؛ طَعَّانِینَ عَیَّابِینَ، حَیَّادِینَ رَوَّاغِینَ. إِنَّهُ لاَغَنَاءَ فِی کَثْرَةِ عَدَدِکُمْ مَعَ قِلَّةِ اجْتِماعِ قُلُوبِکُمْ، لَقَدْ حَمَلْتُکُمْ عَلَى الطَّرِیقِ الْواضِحِ الَّتی لاَیَهْلِکُ عَلَیْهَا إِلَّا هَالِکٌ، مَنِ اسْتَقَامَ فَإِلَى الْجَنَّةِ، وَ مَنْ زَلَّ فَإِلَى النَّارِ.