لايَجْرى لاَِحَد اِلاّ جَرى عَلَيْهِ، وَ لايَجْرى عَلَيْهِ اِلاّ جَرى لَهُ، وَ لَوْ كانَ لاَِحَد اَنْ يَجْرِىَ لَهُ وَ لا يَجْرِىَ عَلَيْهِ لَكانَ ذلِكَ
خالِصاً لِلّهِ سُبْحانَهُ دُونَ خَلْقِهِ، لِقُدْرَتِهِ عَلى عِبادِهِ، وَ لِعَدْلِهِ فى كُلِّ ماجَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضائِهِ. وَلكِنَّهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبادِ اَنْ يُطيعُوهُ، وَ جَعَلَ جَزاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضاعَفَةَ الثَّوابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ، وَ تَوَسُّعاً بِما هُوَ مِنَ الْمَزيدِ اَهْلُهُ. ثُمَّ جَعَلَ سُبْحانَهُ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً افْتَرَضَها لِبَعْضِ النّاسِ عَلى بَعْض، فَجَعَلَها تَتَكافَأُ فى وُجُوهِها، وَ يُوجِبُ بَعْضُها بَعْضاً، وَ لا يُسْتَوْجَبُ بَعْضُها اِلاّ بِبَعْض. وَ اَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ سُبْحانَهُ مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوالى عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَ حَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوالى، فَريضَةٌ فَرَضَهَا اللّهُ سُبْحانَهُ لِكُلٍّ عَلى كُلٍّ، فَجَعَلَها نِظاماً لاُِلْفَتِهِمْ، وَ عِزّاً لِدينِهِمْ. فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ اِلاّ بِصَلاح ِ الْوُلاةِ، وَ لاتَصْلُحُ الْوُلاةُ اِلاّ بِاسْتِقامَةِ الرَّعِيَّةِ. فَاِذا اَدَّتِ الرَّعِيَّةُ اِلَى الْوالى حَقَّهُ، وَ اَدَّى الْوالى اِلَيْها حَقَّها، عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، وَ قامَتْ مَناهِجُ الدّينِ، وَ اعْتَدَلَتْ مَعالِمُ الْعَدْلِ، وَ جَرَتْ عَلى اَذْلالِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذلِكَ الزَّمانُ، وَ طُمِعَ فى بَقاءِ الدَّوْلَةِ، وَ يَئِسَتْ مَطامِعُ الاَْعْداءِ. وَ اِذا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ والِيَها، اَوْ اَجْحَفَ الْوالى بِرَعِيَّتِهِ، اخْتَلَفَتْ هُنالِكَ الْكَلِمَةُ،